الاضطرابات السلوكية -ح3 - الغضب .. بركان من المشاعر الحارة

.

المقاله تحت باب  مقالات و حوارات
في 
30/09/2007 06:00 AM
GMT



الغضب ، شعور بالحزن الشديد المصاحب للصياح والتشنجات العضلية والعصبية يرهق بها الفرد مشاعره .
وهو مجموعة المشاعر الموجهة نحو الخارج عن طريق الشدة في نبرة الصوت ، وتحدث عندما يتعرض الفرد الى ضغوط خارجية .
في حياتنا اليومية ، نجد الكثير من الأطفال الذين يتخذون الغضب المستمر كوسيلة من وسائل التفاهم مع الآخرين ... والأطفال الصغار قد لا يدركوا سبب شعورهم بالغضب ، أو لماذا يعتبر هذا السلوك الغاضب أمرا ً غير مرغوب فيه ، ولكننا نجدهم يتصرفون في أمور حياتهم المختلفة ( في اللعب ، في التعامل مع الأخوة ، في التفاهم مع الأصدقاء ) ، يتبنون الحديث الغاضب ، ويمتازون بعلو الصوت والصياح ، وقد يتطور الأمر فيتحول الى سلوك متحرك متمثل بالضرب للآخرين .
كيف ننشيء طفلا غاضبا ؟
في كل أحاديثنا التي تتناول الأطفال في سنيّهم المبكرة ، نعود الى الوراء لنرى كيف تعامل معهم الأهل في ظل سنواتهم الحرجة الأولى .

إن اهم عوامل تكوين طفل غاضب هي :
1- كثرة المشاجرات بين الوالدين / تعد مشكلة الشجار القائم بين الوالدين ، من أهم العوامل التي تسهم في خلق ولد غاضب ، إذ يرى الطفل الصغير أمامه نموذج جديد ، ويرى فيه غالب ومغلوب ، وتسلط من جانب على الجانب الآخر ، كما يرى فيه تنفيذ لرغبات طرف على حساب الطرف الآخر،... الخ من التساؤلات ، التي تتحول في ذهن الطفل الصغير الى أداة تحركه لتبني هذا السلوك الذي قدمه اليه الوالدان ، كهدية ! ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، قد يعبر عن شعوره بعدم الرضا تجاه والديه ، بممارسة الشعور الغاضب تجاههم أو تجاه أخوته الأصغر منه ، أو حتى أنه يجد تنفيسا لغضبه بأتجاه ألعابه .
2- التحدث بصوت عال ٍ / يميل بعض الناس الى رفع أصواتهم أكثر من اللازم عند الحديث ، ويستخدم المؤثرات الصوتية في حديثه ( كرفع الصوت فجأة ، أو التحدث بغضب ، أو النقاش مع الآخرين وتبادل الآراء بشكل حاد ) ، ... ويقوم الطفل بمتابعة دقيقة الى المتحدثين ويقلد تصرفاتهم ، فنجده يميل الى التحدث بحدة ، وإن لم يكن الأمر ذو أهمية .
3- العقاب / إن العقاب البدني أو النفسي ، هو أحد العوامل الذي يثير في نفس الطفل الغضب ، فنجده يترجم مشاعره الغاضبة على شكل سلوك مرئي مدمر ، .. فيمزق أوراقه وألعابه ، ويحطم ألوانه ، ويعبث بكل شيء حوله ، ويرمي أعز ما لديه أو لدى والديه ، بقوة ، تعبيرا عن رفضه لهذا العقاب ، وأن الأكثار في ممارسة العقاب ، يذهب بأهميته ، إذ يجب أن يستخدم العقاب في الحالات الضرورية التي يجب أن لايفعلها الطفل ، وخاصة بعد أن يكون قد تعرض لأكثر من تنبيه . إذ أن العقاب ، أداة خطرة تعبث بمشاعر الطفل وتثير فيه نار الغضب الضامر تحث مشاعره المختلفة . وقد نجد أولياء أمور يمارسون أنواعا عنيفة من العقاب تجاه أولادهم ( كحبس الطفل منفردا ، أو كيّه بالنار، أو ضربه بشدة ، ... الخ ) .
4- مشاهدته للبرامج والأفلام التي فيها الكثير من الحركة والعنف / إن مشاهدة الطفل الطويلة والمستمرة لهذه الأنواع من البرامج المعروضة في التلفاز أو الفيديو أو في نشرات الأخبار ، تولد لديه فكرة مفادها ، أن الغضب يأتي من الشجاعة مثلا ، .. فإذا ما رأى شخصيات تمارس العنف والغضب وتلجأ الى الصوت العالي والتحطيم في سبيل التمتع بأمتيازات معينة ، قد يتبنى الطفل بدوره هذه الشخصية ، وخاصة عندما تمثل حالة يكون قد مر بها هو مثلا ، فإذا ما تعرض طفل طبيعي في المدرسة الى إعتداء من قبل أطفال آخرين ، ولم يستطع الرد ، وبمحض الصدفة عرضت شخصية تماثل شخصيته ، وقد وجد فيها الحل لمشكلته ، فهو، قد يلجأ الى تبني نفس الحل المعروض على الشاشة وتطبيقه على أرض الواقع ، وقد تكون عواقبه وخيمة .
5- التعنيف أثناء التوجيه / إن أستخدام الأسلوب المعنف الحاد مع الأطفال الصغار ، يجعلهم يمارسون التصرفات الغاضبة نحو الكبار وجعلها عادة يمارسهاالطفل ، بعدما توفرت له عوامل عدة جعلته يتصرف بحدية وبغضب نحو الآخرين ، فالأم التي تريد توجيه طفل لها قد لعب بالماء البارد شتاء ً، بأن تصرخ عليه أثناء محادثتها وتوجيهها له ، وقد تضربه ، ... وقد يلعب بالأجهزة الألكترونية ، فيقلب قنوات التلفزيون بصورة عشوائية مثلا ، ويصرخ به الأب ، .. فتكثر الصرخات والصيحات من حوله ، لتصب في سلوكه وشخصيته .

وللغضب أسباب أخرى منها :
• الغيرة : وهي محفز للطفل كي يعبر عنها بغضبه من الأشخاص والأشياء الذين يغار منهم .
• الشعور بالعجز : حيث نجد الأطفال الذين لا يملكون قدرة على أنجاز عمل ما قد يوكل اليهم ، كحل الواجبات المدرسية الضاغطة ، أو حمل أقداح الشاي ، أو أنجاز أي عمل بشكل غير دقيق ، .. كلها أسباب تدفع الطفل للتعبير عن عجزه ، بالغضب نحو الأشخاص والأعمال التي يراد منه تنفيذها .
• التعرض للمواقف الصعبة والخطرة / إن تعرض الطفل للمواقف المفاجئة التي تحمل في طياتها أحداثا قوية ، تسهم هذه الأحداث في أعطاء الطفل دافعا نحو الغضب تجاهها ، فالطفل الذي يرى حادثة مرعبة أمامه ، تختلط لديه مشاعر الخوف مع الغضب تجاه الأشخاص الذين قاموا بهذا العمل ، أو تجاه الأشياء التي سببت مثل هذه التصرفات ، أو حتى تجاه الموت ، فالطفل وحتى سن العاشرة ، لا يدرك فكرة الموت وأختفاء الشخص الذي يحبه ، كوفاة الجد أو الجدة ، أو أحد الوالدين ، فتتولد لديه مشاعر الغضب تجاه هذا الحادث الجديد وتجاه الموت نفسه ، خاصة عندما يرى أن هذا الحادث أصابه هو ولم يصب غيره ، فتنشأ لديه مشاعر غاضبة تجاه قدره وتجاه حياته .
• الشعور بالظلم / عدم قدرة الطفل على التعبير عن شعوره بالظلم ، يدفعه الى ممارسة أنواعا مختلفة من الأساليب عن طريق الأمتناع عن تناول الطعام مثلا وعدم غداء الواجبات المدرسية والأستحمام وتبديل ملابسه ومعصية الأوامر ، حتى يجد تفسيرا للظلم الذي وقع عليه .
كيف نمتص غضب أولادنا ؟
• إن التحدث مع الطفل عن سبب غضبه ، لا يتم بشكل سهل عادة ، إذ يحتاج الطفل الى شخص يطمئن اليه ويجد فيه ملاذا آمنا لتفريغ مشاعره الغاضبة ، لذا وجب علينا تهدئة الطفل ومنحه الأمان والأطمئنان أولا .
• الأستماع لما يقوله بشكل دقيق والأخذ به ومناقشته ، ووضع الحلول الواضحة والبسيطة والعملية ، ومحاولة التوصل الى حل المشكلة بالهدوء والتروي .
• التعامل داخل البيت ، يحبب أن يكون تحت ظل النقاش الهاديء المبني على تفهم وجهات النظر ، ومحاولة عدم التشاجر أمام الأبناء .
• إذا كان الوالدان شديدا العصبية ، فيفضل أن يتم نقاش أمورهما مع أطفالهما أثناء تناول الطعام ، في مطعم مثلا ، إذ يعمل الجو العام على عدم رفع صوتهم ، وإجراء الحوار بلغة هادئة .
• مراقبة برامج التلفزيون وأفلام الكارتون التي تحمل في طياتها التوجه نحو الغضب والتدمير ، ... وعرض أفلام الكارتون التي تحمل قيما أخرى ، كالتعاون والصداقة .
• فسح المجال أمام الأطفال لأنجاز بعض الأعمال التي تناسب قدراتهم ، وبخاصة تلك الأعمال التي فيها صرف للطاقة ، إذ تقوم هذه الأعمال بتنفيس الغضب عن الأولاد .
• تقديم الوجبات الغذائية الخالية من التوابل الحارة واللجوء الى الأطعمة السلسة الباردة ، فهي تساعد على إراحة الأعصاب والأبتعاد عن التوتر
، كتناول ( المحلبية ) والجلي ، ... الخ